سبورت 360- يتأهب الجميع لمُتابعة كأس العالم الذي ينطلق في نسخته لهذا العام، مساء اليوم الأحد، ويدخل مُشجعو الكرة أجواء المونديال وفي ذاكرتهم لحظات سعيدة وأخرى حزينة عن البطولة الأهم في جدول أحداث الرياضة الشعبية الأولى.
لا تسير الكتابة على سطور السجل الذهبي للمونديال بنفس الوتيرة، فالمُتجول بين أوراقه سيشم رائحة الأدرينالين تنبعث من بين الحروف، وسيُبصر صفحات المجد وهي تروي بفخرٍ قصص الأبطال و ملاحم الانتصار، وسيقع نظره أيضاً على حكايات تراجيدية شكلت الخيبة أحداثها ودون مداد الدمع والألم تفاصيلها.
قد تتباين الإجابات على السؤال بخصوص سر جاذبية الساحرة المُستديرة، ولكن بالتأكيد يتفق الجميع على أن الكرة وملاعبها الخضراء تتفرد في كونها النشاط البشري الوحيد الذي يجمع في لحظات الإثارة القصوى نوبات السعادة الهيستيرية ومشاعر الحُزن الممزوج بالصدمة في مُربعٍ واحد لا تتجاوز أبعاده عدة أمتار.
خلال السطور التالية سنسرد أبرز 10 لحظات حزينة لن ينساها عُشاق كرة القدم وتاريخ مُتابعتهم لكأس العالم:
المُحاربون وفضيحة خيخون
استضافت إسبانيا نسخة كأس العالم لسنة 1982، وشارك مُنتخب الجزائر بجيله الذهبي في البطولة، وأوقعته القرعة في مجموعة مُتوازنة ضمته لجوار مُنتخبات ألمانيا الغربية (تأهلوا للنهائي فيما بعد)، والنمسا، وتشيلي.
بدأ مُحاربو الصحراء البطولة بانتصارٍ مُدوٍ على حساب الألمان يوم 16 يونيو 1982 بنتيجة 2-1، سجل ثنائية أبناء الجزائر رابح ماجر والأخضر بلومي، فيما سجل هدف الماكينات كارل هاينز رومينيجه.
🇩🇿 Forty years ago today this goal by Lakhdar Belloumi gave Algeria a shock victory over West Germany in their first ever World Cup match. Sadly West Germany and Austria conspired to knock Algeria out in the final group match, a non-contest known as the “Disgrace of Gijón.” pic.twitter.com/kyfzk0niKL
— James Campbell Taylor (@jamestaylor) June 16, 2022
كسر إصرار الجزائريين غرور الألمان الذي وصل لأقصى مدى، ويكفينا أن نُشير إلى تصريحات صحفية نُسبت لأسطورة المانشافت بول برايتنر قبل المُباراة قال فيها :”سنهدي الهدف السابع لزوجاتنا، فيما سيكون الهدف الثامن إهداءً لكلابنا”.
وتعرضت الجزائر في المُباراة الثانية لهزيمة غير متوقعة أمام النمسا بهدفين دون رد، وكانت المفاجأة في المُباراة الأخيرة حينما لم يكفي الجزائريون فوز مُثير على تشيلي بثلاثة أهدافٍ لهدفين للتأهل، ليصعد مُنتخبا ألمانيا والنمسا للدور التالي.
وسُميت المُباراة التي جمعت بين ألمانيا الغربية والنمسا بـ”فضيحة خيخون”، وذلك حينما انتصر الألمان بهدفٍ دون رد على أرض ملعب مولينون في خيخون.
وأقيم اللقاء يوم 25 يونيو 1982، وأحرز هروست هروبيش هدف ألمانيا الوحيد في الدقيقة 10، وبدا واضحاً عدم رغبة المُنتخبين في إكمال المُباراة، وبدا أن هناك اتفاق بينهما لإنهاء اللقاء بهذه النتيجة ليتأهلا سوياً.
وأثارت المُباراة ردود فعل واسعة، ومن بينها تعليق اللاعب الألماني المُعتزل حينها فيلي شولتز، الذي قال في تصريحات صحفية إن لاعبي المُنتخبين وعددهم 22 كانوا بمثابة “رجال عصابات”، على حد تعبيره.
وأجبرت “فضيحة خيخون” وما أتبعها من اعترافات الاتحاد الدولي “الفيفا” على إحداث تغيير في نظام المُباريات الأخيرة في دور المجموعات لتُقام في وقتٍ واحد تجنباً لتكرار ذلك السيناريو.
توهج تورام ودموع الكروات
قدمت كرواتيا نسخة مُميزة في كأس العالم 1998، حيث بدأت مسيرتها بالفوز على جامايكا بثلاثة أهدافٍ لهدفٍ في دور المجموعات، قبل أن يفوزوا على اليابان بهدفٍ دون رد، وخسروا في المُباراة الثالثة ضد الأرجنتين بهدفٍ دون رد.
وتواصلت مُغامرة دافور سوكر ورفاقه في دور الـ 16 بالفوز على رومانيا بقيادة هاجي بهدفٍ دون رد، ليُحققوا النتيجة الأبرز لهم بالفوز على ألمانيا بثلاثة أهداف دون رد في ربع النهائي.
وصل الكروات للمُباراة نصف النهائية في إنجازٍ يُعد الأبرز في تاريخ الجمهورية المستقلة حديثاً حينها عن يوجوسلافيا.
واجهت كرواتيا صاحبة الأرض فرنسا في مُباراة تاريخية على أرض ستاد فرنسا الدولي في ضاحية سان دوني في العاصمة الفرنسية باريس.
تقدم الكروات في البداية عن طريق دافور سوكر في الدقيقة 46، ليتصاعد الحماس الكرواتي واصلاً لذروته فحلم الوصول للنهائي يلوح في الأفق.
أحبط ليليان تورام الحلم الكرواتي سريعاً بهدف التعادل وجاء في الدقيقة 47، قبل أن يقود بلاده للنهائي بهدفٍ ثانٍ جاء في الدقيقة 70، ليتأهل الفرنسيون للمُباراة الختامية وسط دموع غزيرة في أوساط الكروات.
Lilian Thuram vs Croatia, 1998. pic.twitter.com/L6FMadzi73
— 90s Football (@90sfootball) July 18, 2022
زيدان ودهاء ماتيراتزي
لا يُمكن أن تُسرد اللحظات الحزينة في تاريخ كأس العالم دون أن يقفز في الواجهة مشهد الحكم الأرجنتيني هوارسيو إليزوندو وهو يرفع البطاقة الحمراء في وجه أسطورة الكرة زين الدين زيدان في نهائي نسخة 2006.
أقيم اللقاء يوم 9 يوليو 2006 على أرض الاستاد الأولمبي في برلين، وتأهل المنتخبان الفرنسي والإيطالي للمُباراة الختامية بعد مشوارٍ أسطوري استحق ثناء جميع من شاهد البطولة.
وبدأ اللقاء حامياً بحصول الفرنسيين على ركلة جزاء بعد خطأ على مالودا، ليتقدم زيدان مُغالطاً الأسطورة بوفون بركلة بانينكا كادت أن تضيع في الدقيقة 7.
ونجح المُدافع ماركو ماتيراتزي في إيصال إيطاليا للأوقات الإضافية بعد تسجيله هدف التعادل في الدقيقة 19 بعد رأسية رائعة.
ولم يكن ذلك هو النجاح الوحيد لماتيراتزي في هذه المُباراة، فتمكن بدهاءٍ من استفزاز زيدان في الوقت الإضافي الثاني ليقوم بنطحته الشهيرة الأمر الذي استلزم طرده.
Zidane x Materazzi pic.twitter.com/AtVonjhmGN
— Fla Posting 🇧🇷🇶🇦 (@FlaPosting) November 15, 2022
مالت كفة المُواجهة بعد الإقصاء لصالح الإيطاليين الذي حسموا المُواجهة فيما بعد بركلات الترجيح.
وعلق زيدان على تلك اللقطة، وقال في تصريحاتٍ صحفية، :”لست فخوراً بما قُمت به، ولكن ذلك كان جزء من الماضي الخاص بي”.
زلزال بيلو هوريزونتي ووداع كلوفيس الحزين
استضافت البرازيل كأس العالم سنة 2014، وتمنى البرازيليون حينها أن ينجحوا في الظفر بالنجمة السادسة في تاريخهم المُرصع في المونديال.
وتمكن رجال المُدرب سكولاري من الوصول لنصف النهائي بعد مسيرة ناجحة، واصطدم حينها راقصو السامبا بالماكينات الألمانية الهادرة.
استبشر البرازيليون خيراً، فمُدربهم سكولاري سبق وهزم الألمان في نهائي 2002، ونجح بجيل رونالدو وريفالدو ودينيلسون في الفوز بالبطولة التي أقيمت على الأراضي الأسيوية.
ولكن سارت الرياح بما لا تشتهي السفن، وشهد ملعب مينيراو بمدينة بيلو هوريزونتي زلزالاً حقيقياً بعد أن تكبد أصحاب الأرض ذوي الهيبة والتاريخ المُشرف هزيمة صادمة بسبعة أهداف.
لم يخسر البرازيليون فقط فرصة لعب النهائي، ولكن تعرضوا للهزيمة الأقسي في تاريخهم على أرضهم في حدثٍ لن يُمحى من ذاكرة كأس العالم أبداً.
One of the most shocking #FIFAWorldCup matches of all time 😱
Where were you when you watched Germany defeat Brazil?
— FIFA World Cup (@FIFAWorldCup) November 13, 2022
وتجسدت خيبة الشعب البرازيلي في هذه المُباراة في لقطة المُشجع العجوز كلوفيس أكوستا فيرنانديز وهو يبكي مُحتضناً كأس العالم بعد أن تبخرت الآمال، وأضحى الحلم كابوساً.
المُحزن في الأمر أن كلوفيس فارق الحياة بعد أقل من عام من هذا اللقاء التاريحي عن عُمر ناهز الستين بعد مُعاناة مع المرض، ليكون وداعه لرحلته مع كأس العالم التي بدأت في 1990 حزيناً بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
@juanangelovando @SalvadorHicar Murió hoy Clovis Acosta Fernandes, 60 años, “Gaucho Da Copa” pic.twitter.com/HYD4Uo67Pc
— ℙÁ𝕁𝔸ℝ𝕆 ℙ𝕁 🇵🇾🎤📰 ⚽🎸🐦 (@PajaroPJ) September 16, 2015
مأساة إسكوبار..حينما تنقلب النيران الصديقة لرصاصاتٍ غادرة
لم يكن يعلم أندريس إسكوبار، مُدافع المُنتخب الكولومبي في كأس العالم 1994، أن مُباراة بلاده ضد الولايات المُتحدة الأمريكية ستكون نقطة التحول الأخطر في حياته للأسف.
واجهت كولومبيا البلد المُستضيف يوم 23 يونيو لعام 1994، وذلك على أرض معب روز بول في مدينة باسادينا الأمريكية في ولاية كاليفورنيا.
بدأ التسجيل قبل نهاية الشوط الأول حينما أخطأ إسكوبار تقدير كرة أمريكية ليُسكنها شباك زميله هيجيتا، ومهد الهدف لفوزٍ أمريكي بهدفين لهدف تأكد به إقصاء الفريق الكولومبي من البطولة.
Si crees que tuviste un mal día, a Andrés Escobar este autogol le costó la vida 🤷♂️ pic.twitter.com/oRPPxMqg1e
— Crico Tovar (@MarcoElSonero_) November 17, 2022
لم يتوقف صدى الحدث عند هذا الحد، وبحسب تقرير صحفي فإنه في الثالثة من صباح يوم 2 يوليو لنفس العام 1994 (بعد حوالي 10 أيام)، واجه إسكوبار مجموعة من الرجال الغاضبين في موقف للسيارات في مدينته ميدلين.
واشتد النقاش بين الطرفين حول الهدف المشئوم ليتحول الأمر لإطلاق نار من قبل المُسلحين ليلفظ إسكوبار أنفاسه الأخيرة مُتأثراً بإصابته بست رصاصات قاتلة.
وذكر التقرير أن أحد الضالعين في الجريمة كان مُرتبطاً بعصابات تجارة المُخدرات، واعترف أمام جهات التحقيق، ليتم الحُكم عليه بالسجن 43 سنة.
Rest in Peace, Andres Escobar 🙏🇨🇴
The Colombian footballer lost his life on this day 25 years ago pic.twitter.com/LkBsITGhH4
— FIFA World Cup (@FIFAWorldCup) July 2, 2019
مُغامرة حجي والطعنة البرازيلية
دخل المغرب مُنافسات كأس العالم 1998 بجيلٍ ذهبي أسطوري يقوده مصطفى حجي وعدد من رموز الكرة في أسود أطلس أمثال كماتشو وشيبو ونور الدين نايبت.
وبدأ رجال المُدرب هنري ميشيل مشوارهم في الأراضي الفرنسية بتعادلٍ مُثير بهدفين لكل فريق مع مُنتخب النرويج، وقدم المغاربة مُباراة من الطراز الرفيع أكدوا بها جاهزيتهم لتشريف العرب.
Goal #32 on our most popular ‘forgotten’ World Cup goals countdown. Mustapha Hadji’s quick feet for Morocco v Norway in 1998 pic.twitter.com/xHpjRZmBlt
— @forgottengoals (@forgottengoals) June 14, 2018
خرج مُتابعو اللقاء بقناعةٍ واحدة مفادها أن حارس المغرب إدريس بن ذكري أهدى زملاء سولشاير نقطة التعادل دون أن يكونوا يستحقونها، ليكون ذلك الإخفاق هو نقطة التحول الدرامية للأسف.
واجهت المغرب في المُباراة الثانية مع البرازيل بجيلها الذهبي، وكان طبيعياً أن يخسر أبناء طنجة والرباط وكازبلانكا أمام القادمين من كوباكابانا بثلاثية، وفي نفس التوقيت تعادلت النرويج مع اسكتلندا بهدفٍ لكل فريق.
دخل المغاربة اللقاء الثالث بتحدٍ واضح لقلب المُعطيات، ونجح صلاح الدين بصير مع كماتشو في إهداء المغرب والعرب انتصاراً تاريخياً على اسكتلندا بثلاثية على أرض ملعب جروفرا جيشار، وكانت النتيجة كافية لتأهل المغرب للدور التالي في حالة تجنب البرازيل الخسارة أمام النرويج.
وللأسف حدث السيناريو الأسوأ وخسرت البرازيل بشكلٍ غير متوقع أمام النرويج بهدفين لهدف، وذلك بعد أن قلب الفريق الاسكندنافي تأخره بهدف بيبيتو في الدقيقة 78، لفوزٍ بهدفين سجلهما تروي أندريه فلو في الدقيقة 83 وشيتل ريكدال في الدقيقة 89 من ركلة جزاء، ليخرج المغاربة من الباب الكبير بعد صدمة الدقائق الأخيرة.
🇫🇷 On this day at France ‘98…
Group A drew to a close with Morocco, Norway and Scotland all in with a chance of joining Brazil in the last 16.
This is how the evening panned out in Marseille and Saint-Étienne.
🎥 Eurosport pic.twitter.com/MbmJrZOcv6
— 𝙒𝙊𝙍𝙇𝘿 𝘾𝙐𝙋 𝙍𝙀𝙒𝙄𝙉𝘿 ⏪ (@WorldCup_Rewind) June 23, 2022
يد سواريز تغتال أمل قارة
شاركت غانا في كأس العالم 2010 بطموحاتٍ كبيرة، فالنجوم السمراء كانوا قد قدموا وجهاً مُشرفاً للكرة الإفريقية في نسخة 2006، ووصلوا في أول مُشاركة لهم للدور التالي.
دخل الغانيون أجواء البطولة التي أقيمت في قارتهم إفريقيا للمرة الأولى بمعنوياتٍ عالية، فمُنتخب الشباب تحت 20 سنة نجح قبل سنة فقط في التتويج بكأس العالم للشباب على أرض ستاد القاهرة في مصر.
وبالفعل بدأ المُنتخب الغاني البطولة بفوزٍ مُثير على صربيا بهدفٍ دون رد، قبل أن يتعادلوا مع أستراليا بهدفٍ لكل منهما، وأنهوا المجموعة بخسارة منطقية أمام ألمانيا بهدف دون رد.
وتجاوزت غانا العقبة الأمريكية بانتصارٍ درامي بهدفين لهدف في دور الـ 16 بفضل أسامواه جيان، قبل أن نصل لمحطة لدور الـ 8.
في دور ربع النهائي حملت غانا آمال قارة إفريقيا بأكملها، وذلك لأنها في حالة تجاوز أوروجواي ستكون المُمثل الأول للقارة السمراء في المُربع الذهبي في تاريخ المونديال.
أقيم اللقاء يوم 2 يوليو 2010 على أرض ملعب سوكر سيتي في جوهانسبرج بجنوب إفريقيا، وتقدمت غانا عن طريق سولي مونتاري في الدقيقة 45، قبل أن تتعادل أوروجواي في الدقيقة 55 بواسطة الأسطورة دييجو فورلان.
ذهبت المُباراة للأوقات الإضافية، وانتهى الشوط الأول بنتيجة التعادل كما هو، ليبدأ الشوط الثاني ويستمر على ذات الوتيرة، وقبل نهاية الوقت الإضافي بالكامل كادت غانا أن تُسجل هدف الفوز ولكن يد لويس سواريز كانت لها رأي آخر.
حيث أبعد المُهاجم الأوروجوياني الكرة بيده قبل أن تسكن الشباك ليحرم الغانيين من الهدف مُضحياً بنفسه بعد استحقاقه البطاقة الحمراء في الدقيقة 120.
احتسب الحكم ركلة جزاء للفريق الإفريقي، وتقدم لها النجم أسامواه جيان، كانت قارة إفريقيا بأكملها مُستعدة لإطلاق صيحة الفرح في هذه الأثناء، ولكن جيان أطاح بالكرة بشكلٍ غريب حارماً بلاده من تأهلٍ بدا وشيكاً لنصف النهائي.
التقطت الكاميرات سواريز وهو يحتفل بشكلٍ جنوني بعد إهدار الركلة، وأصبح الاحتفال ذو قيمةٍ مُضاعفة بعد نجاح أوروجواي في التأهل بركلات الترجيح الحاسمة، ليتبخر الحلم الإفريقي بأقسى سيناريو مُمكن.
In 2010, Luis Suarez’s deliberate handball prevented Ghana 🇬🇭 from becoming the first Africa nation to reach the World Cup semis.
Have you recovered from it? 😤😤😤😡pic.twitter.com/h2PHZLVXkR
— CrossAndNod (@crossandnodFT) July 14, 2021
الحظ يُجافي الطواحين البرتقالية
إذا كان هُناك من يتحدث عن قلة الحظ في كرة القدم فبالتأكيد لن يجد أكثر من مُنتخب هولندا لتجسيد ذلك، فأصحاب القمصان البرتقالية هم أقوى مُنتخب لم يفز أبداً بكأس العالم بكل تأكيد.
وصلت هولندا لنهائي كأس العالم 3 مرات، ولم يُحالفها الحظ في أي مرة منهم بشكلٍ يُثير حُزن كافة عشاق الساحرة المُستديرة وليس فقط أبناء البلد الأوروبي الجميل.
في نسخة كأس العالم 1974 في ألمانيا الغربية، قدم المُنتخب الهولندي أداءً رفيع المستوى بقيادة الأسطورة يوهان كرويف، ونجح في تحقيق نتائج تاريخية.
حيث فازوا على بلغاريا برباعية، والأرجنتين برباعية، وتجاوزوا ألمانيا الشرقية بثنائية، كما عبروا البرازيل بنفس النتيجة.
اصطدم الهولنديون في النهائي مع مُنظم البطولة مُنتخب ألمانيا الغربية، وتقدموا في البداية عن طريق يوهان نيسكينز من ركلة جزاء، قبل أن ينتفض الألمان بتسجيل ثنائية عن طريق بول برايتنر من ركلة جزاء وجيرد مولر، لينتهي اللقاء النهائي بتتويج ألمانيا باللقب.
مُحاولة هولندا الثانية لتحقيق اللقب لم تتأخر، ونجحوا من جديد في الوصل للنهائي في نسخة 1978 في الأرجنتين، واصطدموا من جديد بمُنظم البطولة، ونجح راقصو التانجو في الفوز بثلاثة أهدافٍ لهدفٍ، وذلك في الأوقات الإضافية بعد انتهاء الوقت الأصلي بتعادل المُنتخبين بهدفٍ لكل منهما، ليُحرم جيل كرويف من تحقيق البطولة الأهم في العالم.
تواصلت العقدة الهولندية في نسخة 2010، وصل حينها رفاق روبن وشنايدر وفان دير فارت للنهائي في جنوب إفريقيا، بعد مشوارٍ اسطوري.
واجهت هولندا في المُباراة النهائية جارتها الأوروبية إسبانيا على أرض سوكر سيتي في جوهانسبرج، وكان الطرف الأفضل هم أصحاب القمصان البرتقالية، ويكفينا أن نقول بإن إيكر كاسياس حارس الماتادور كان النجم الأبرز خلال اللقاء، وأهدر روبن انفراداً صريحاً بحارس الإسبان.
O lance que poderia mudar a história da Copa de 2010. Robben 🆚 Casillas.
Nostálgico! pic.twitter.com/7jXV7ifdDS
— Futebol Nostálgico! (@futnostalgico) November 17, 2022
وأتاح إهدار روبن التاريخي الفرصة للرسام أندريس إنييستا لتسجيل هدف الفوز في الدقيقة 116 بعد تمديد المُباراة للأوقات الإضافية.
الأنيق باجيو والموت واقفاً في روز بول
تغيب إيطاليا عن نسخة هذا العام من كأس العالم، وهو بالتأكيد حدث حزين بالنسبة لكافة عُشاق الكرة، ويبقى مشهد باجيو وهو يندب حظه بعد إهدار ركلة الجزاء في نهائي 1994 الأيقونة الأبرز للتراجيديا الإيطالية في تاريخ المونديال.
شارك الأزوري الإيطالي في نسخة أمريكا في 1994 بتشكيلة مُميزة تضم نخبة من نجوم الكالتشيو في هذه الأثناء، وتقدم أصحاب القمصان الزرقاء في المونديال بخطى ثابتة تحت قيادة مُدربهم الأسطوري أريجو ساكي.
بدأ المشوار بهزيمة غير متوقعة أمام أيرلندا بهدفٍ دون رد، وفازوا في الجولة الثانية ضد النرويج بهدفٍ دون رد، قبل أن يختتموا دور المجموعات بتعادلٍ مع المكسيك بهدفٍ لكل فريق.
ونجح باجيو في قيادة إيطاليا لتجاوز عقبة نيجيريا في دور الـ 16 بهدفين لهدفٍ وذلك بعد تسجيله لثنائية، وفازت إيطاليا على إسبانيا بنفس النتيجة في ربع النهائي وسجل باجيو هدف، قبل أن يُكرر ثنائيته من جديد على حساب بلغاريا في نصف النهائي.
ليحين بعد ذلك موعد المُباراة النهائية، وجمع اللقاء الختامي بين إيطاليا والبرازيل على أرض ملعب روز بول في مدينة باسادينا في ولاية كاليفورنيا الأمريكية يوم 17 يوليو 1994.
انتهى اللقاء حينها بالتعادل السلبي، وهي النتيجة التي تواصلت في الأشواط الإضافية، ليلجأ الفريقان لركلات الترجيح.
في أول أربع ركلات للفريقين سجل ديميتريو ألبرتيني وألبريجو إيفاني لإيطاليا وأضاع فرانكو باريزي ودانييلي مسارو، في حين أضاع مارسيو دوس سانتوس للبرازيل وسجل كل من روماريو وبرانكو ودونجا.
دخل باجيو لتنفيذ الركلة الخامسة وهو يعلم أن إضاعته ستعنى انتهاء آمال الأزوري في تحقيق البطولة، وحتى لو سجل فقد كان على الحارس جيانلوكا باليوكا التصدي للركلة البرازيلية الخامسة لتجنب انتهاء التسديد وإعلان ان البرازيل هي البطلة.
تقدم باجيو مُواجهاً أسطورة الحراسة البرازيلية تافاريل، ليحدث ما يتذكره العالم أجمع حتى لحظتنا هذه، وأطاح نجم إيطاليا بالكرة بغرابة ليقف مُتحسراً على ما حدث.
Roberto Baggio missing that penalty during the 1994 World Cup Final. pic.twitter.com/JNMhymISsN
— 90s Football (@90sfootball) July 25, 2017
وخرج التعبير الشهير حينها بأن باجيو مات واقفاً في هذه اللحظة، وانتشرت بعد ذلك قصص عن كتابات وُجدت على جُدران الفاتيكان تقول :”سيغفر الرب للجميع إلا باجيو”.
واعترف الأسطورة باجيو بأن الذكرى ظلت تطارده حتى بعد سنوات من الواقعة وفوز إيطاليا بكأس العالم في 2006.
وقال في تصريحات صحفية نُشرت في 2015 :”لقد شعرت بأني أموت من داخلي، ومن بعد ذلك فكرت في ردة فعل أبناء بلدي، لايزال الأمر صعباً حتى هذا اليوم، لازلت غير مُتقبل ما حدث”.
وأضاف باجيو بمرارة :”أنا من أرسلت النهاية السعيدة لحلمي للمُدرجات، هذا الحلم الذي تشاركه جميع الإيطاليين في هذه اللحظة، لايزال ما حدث يُطاردني”.
ميسي والخيانة الخشبية للحلم الذهبي
يأمل الساحر الأرجنتيني ليونيل ميسي أن تكون نسخة هذا العام من كأس العالم هي التتويج المُستحق له بعد سنوات من العناء والمُحاولات الفاشلة.
اقترب الساحر كثيراً من مُلامسة الذهب في نهائي 2014 في الجارة البرازيل، ولكن الماكينات الألمانية الهادرة كان لها رأي آخر، ونجح جوتزه في إهداء بلاده لقبها الغالي.
كثيراً ما يُقال عن الأجيال التي واكبت ميسي في الأرجنتين أنها مواهب خشبية لم تسعف الأسطورة، ولم ينجح معهم سحره في تحقيق المونديال.
ويبدو أن ذلك الحديث ينطبق بتمامه على أحداث المُباراة النهائية المُشار إليها، فلم يخذل ميسي سوى رفاقه في ليلة 13 يوليو 2014 على أرض ملعب ماراكانا.
فالمتأمل لأحداث المُباراة يجد أن الأرجنتين كانت الطرف الأفضل بكل المقاييس، ففي الدقيقة 20 أهدر جونزالو هيجوايين فرصة سانحة لهز شباك نوير بعد انفرادٍ تام بالمرمى بعد خطأ دفاعي نادر للخط الخلفي للمانشافت.
ولم يُحسن هيجوايين التمركز فأوقعه الألمان في مصيدة التسلل ليتم إلغاء هدفه في الدقيقة 29، وأضاع ميسي فرصة مواتية للغاية في بداية الشوط الثاني.
وفي الدقيقة 6 من الوقت الإضافي الأول أضاع بالاسيوس الفرصة الأكثر سهولة في المُباراة، وذلك حينما وصلت له الكرة أمام نوير فأراد بغرابة لعبها من فوقه فضاعت وسط دهشة الجميع.
2014 WORLD CUP FINAL: 🇩🇪Germany 1-0 🇦🇷Argentina pic.twitter.com/e1KP56SBbj
— صالح 🇩🇪🇸🇦 (@lxlsalehlxl) July 26, 2022
وكما علمتنا الكرة فإن من يُهدر الفرص عليه استقبال الأهداف، ولم يكن هذا النهائي استثناء لهذه القاعدة، فنجح جوتزه بمهارةٍ كبيرة في تسجيل هدف الفوز الألماني في الدقيقة 112 ليضيع على ميسي فرصته الأقرب لتحقيق البطولة الغائبة عن خزائنه.
شاهد أيضًا: