بالرغم من أنها احتفظت بلقبها الأولمبي في سباق 100 م السبت في العاصمة اليابانية طوكيو، وذلك بعد ريو 2016، إلاّ ان بدايات العداءة الجامايكية إيلاين تومسون-هيراه لم تكن بجودة تألقها وتحديداً خلال نشأتها حيث ترعرعت في منطقة محرومة في وسط الجزيرة، تحت كنف وعطف جدتها.
تحدّثت هذه العداءة عن اللحظة التاريخية وهي تشير إلى خط النهاية قائلة “لم أرَ التوقيت ولكن قيامي بإشارة عنت أني كنت أعرف أنني فزت، لا أعرف ماذا يعني ذلك بخلاف إظهار أنني كنت في المقدمة”.
وتابعت “كان بإمكاني أن أركض أسرع لو لم أشر لذلك والاحتفال باكراً. لكن هذا يدل على أن هناك المزيد لدي، لذا آمل أن أتمكن يومًا ما من إطلاق العنان لذلك التوقيت”.
وسجّلت تومسون-هيراه، البالغة 29 عاماً، رقماً أولمبياً قدره 10.61 ث، محققة ثاني أسرع رقم في التاريخ ومحطمة الرقم الأولمبي المسجل باسم الراحلة الأميركية فلورنث غريفيث جوينر التي تحمل أيضاً الرقم العالمي (10.49 ث) منذ عام 1988.
تتحدر تومسون-هيراه من منطقة “بانانا غراوند” الزراعية الفقيرة الواقعة في وسط جامايكا بين مانشستر وكلارندون.
قالت جدتها غلوريا التي اعتنت بهذه الطفلة الصغيرة منذ نعومة أظافرها، وتحديداً مذ أن بلغت سبعة أشهر، لصحيفة “ثو غلينير” المحلية عام 2015 “لا يوجد أي شيء ثمين لإيلاين، سأمنحها كل ما أملك”.
وتابعت “عندما كانت طفلة، وفور عودتها من المدرسة إلى المنزل، كنت أطهو لها أشهى عشاء، حتّى لو اضطررت إلى اقتراض المال من أجل ذلك”.
وأضافت “لم تلد أمها سواها، وكنت أكرّر لها دائماً أنها هي من ستخرج والدتها من الفقر. لقد كانت طفلة مباركة”.
في بلاد السبرينت، في جامايكا الّتي تعشق السرعة ورياضة الجري المتمعة بشعبية جارفة في المدارس، اعتبرت المراهقة تومسون-هيراه عداءة من المستوى الجيد من دون أن تصل إلى مصاف النجومية مثل أسلافها الأسطورة أوساين بولت أو يوهان بلايك.
حققت أفضل نتيجة لها في عام 2019، في سن الـ 17 عاماً، خلال بطولة “الأبطال” المخصّصة للمدراس الثانوية، بعدما تأهلت بشق النفس إلى نهائي سباق 100 م حيث احتلت المركز الرابع بتسجيلها 12.01 ثانية، متأخرة بفارق نصف ثانية عن الفائزة دينادري وايتنهورن التي خفت بريقها مع مرور السنوات ولم تتمكن من البروز على الساحة العالمية.
ولم يكن عام 2011، وهو عامها الأخير في ثانوية مانشستر، فأل خير على هذه الشابة اذ اُستبعدت عن فريق ألعاب القوى لأسباب تأديبية.
قالت لوكالة فرانس برس “كلّ يوم، أقول لنفسي أني لم أكن أتوقع مثل هذا النجاح الرياضي” و”أنا سعيدة جداً مما تمكنت من تحقيقه”.
-شيلي-آن فريزر وستيفن فرانسيس-بحسب ما تروي، فإن التحوّل في مسيرتها كان عبارة عن حديث مع مدربها المستقبلي ستيفن فرانسيس (المدرب السابق للعداء للجامايكي أسافا باول)، وتقول في هذا الصدد “شاركت من دون التألق في مسابقة (…) وقال لي حينها اني لم أعد في المدرسة، انه يتوجب عليّ أن أصبح جديّة أكثر لأني أتنافس مع أبطال الآن. هذا الامر منحني الحافز”.
ضمن محيطها، تعاملت مع البطلة الأولمبية مرتين في سباق 100 م عامي 2008 و2012 شيلي-آن فريزر، التي اعتبرتها مثلها الأعلى و”مرشدة وصديقة”.
ولا تشذ كلمات جدتها عما تقوله حفيدتها، اذ تؤكد أنّ “أكثر ما يحفزها هي شيلي-آن فريزر-برايس، فهي تتحدث عنها من دون توقف”.
تهيمن العداءتان على الخط المستقيم للسباقات السريعة منذ أكثر من 13 عاماً، ومعاً توجتا بطلتين لسباق التتابع 4 مرات 100 م في عام 2015، لكنهما فشلتا في تكرار سيناريو الفوز ذاته في ريو 2016 باحتلالهما للمركز الثاني خلف منتخب الولايات المتحدة للسيدات.
تخطف تومسون-هيراه الأضواء على المضمار بفضل الألوان الزاهية الّتي تظهر بها (الأصباغ والقلائد وأحمر الشفاه الأرجواني)، إلاّ أن وصيفة بطلة العالم في سباق 200 م عام 2015، تؤكد انها انسانة بسيطة ومتحفظة.
تقول صاحبة الشأن التي تتناول بنهم شديد الطبق التقليدي المفضل لديها “أكي وسمك البحر”، وهو خليط من فاكهة أكي وسمك القد والخضروات “لن يتبدّل أي شيء بعد ألقابي الأولمبية، باستثناء انه أصبح لديّ المزيد من المتابعين. نادراً ما أخرج من منزلي”.
وتختم قائلةً “احذروا، على الرغم من أنني ابتسم طوال الوقت، فانه من الصعب التغلب عليّ على المضمار، هذا امر بداخلي!”.